هذه محاضرة ألقيت في اجتماع الشباب بكنيسة السيدة العذراء مريم والأنبا أبرآم ببرايتون بإنجلترا يوم الثلاثاء 7/11/2000م لطرح تصور كنسي عن موضوع يهم الشباب كثيرا وتدور حوله تساؤلات كثيرة. وهذه المحاضرة هي عبارة عن فتح حوار بين الشباب عن هذا الموضوع الهام الذي يشغل بال الكثيرين. أرجو في اجتماع قادم أن تتاح فرصة المناقشة فيه حتى نستوضح جميع نواحي الموضوع، ليكون هناك قناعة بحدود الاختلاط حتى لا ينحرف إلى التورط والضياع. أضع هذا الجهد المتواضع أمام الرب ليكون بمثابة الخمسة أرغفة والسمكتين التي أشبعت النفوس الجائعة. آمين.
مبادئ أساسية للمناقشة
في بادئ الأمر لا بد أن نشير إلى المبادئ الأساسية للحوار في هذا الموضوع من حيث:
1ـ الدافع: فالواقع أنه لا يوجد دافع آخر يدفعنا للحوار سوى المحبة الخالصة المسيحية في المسيح يسوع لكل أبناء الكنيسة خاصة الشبان والشابات.
2ـ الهدف: كما أنه لا يوجد لنا هدف آخر سوى خير الشباب.
3ـ الأسلوب: أما أسلوبنا في الحوار فهو المناقشة الموضوعية (أي بحث الموضوع) دون أن يتحول ذلك إلى حساسية شخصية.
أولا: موقف الكنيسةمن الاختلاط
1ـ الواقع أن موقف الكنيسة من جهة الاختلاط هو موقف متوازن في غير تزمت وفي غير تسيب. فهي لا تمنع الاختلاط أو تجرمه في تزمت، كما أنها لا تبيح الاختلاط أو تحلله في تسيب.
2ـ ولكن الكنيسة من باب حبها لأبنائها، والعمل على خيرهم، تضع قواعد وحدود يتم من خلالها ووفقا لها الاختلاط السليم.
على موضوع الاختلاط، الأمر الذي لا يمكن تجاهله أو استبعاده من الصورة حتى يكون هناك حذر وتحفظ.
ثانيا: الغريزة الجنسية
يحسن بنا في بداية النقاش أن نتحدث عن الغريزة الجنسية طالما نحن نتكلم عن الاختلاط بين الجنسين:
1ـ فالغريزة الجنسية قد خلقها الله لهدف مقدس هو الزواج وحفظ النسل.
2ـ ولكن بخطية آدم دخل فيروس الخطية إلى كيان الإنسان فأحدث التهاب للغريزة الجنسية، ومن هنا كان ميلها للانحراف عن هدفها الأساسي، حتى صارت لمجرد المتعة.
3ـ ينبغي أن نوضح نقطة هامة وخفية في الموضوع وهي إفرازات الهرمونات المنشطة للغريزة الجنسية الذي له تأثيرات مباشرة وغير مباشرة
وفي هذا يقول نيافة لأنبا موسى:
[الاختلاط بين [url=http://www.avakaras.com/showthread.php?t=6681]الجنسين [/url]شيء طبيعي موجود الآن في البيوت والمدارس والجامعات وميادين العمل، وخطورة الاختلاط تكمـن في الانحراف به عن جـادة الصـواب، سواء انحـرافنـا بـه نحـو الانفـلات كما يحـدث في المجتمعات الغربيـة، أو نحـو التـزمـت كما يحـدث أحيـانا فـي المجتمعـات الشـرقية بالفـصل المتشـدد بيـن الجنسـين. أما الاختـلاط المسيحي فله سماتـه وحـدوده]
(2) وأن يكون في حضرة المسيح، بمعنى أنه إذا أحس الإنسان أنه سينحرف عن الطريق يعود بنعمة المسيح الحاضر فيه إلى الطريق السليم [يوسف الطاهر: كيف اصنع هذا الشر العظيم وأخطئ إلى الله].
وفي هذا يقول نيافة الأنبا موسى:
[هو اختلاط في حضرة المسيح، فكلا الطرفين مرتبط بالمسيـح، شبعان بنعمته، مقدس بروحه، لذلك فهـو يختلط لدواعي طبيعة العمل والحياة، في روح أخوية مقدسة. ومن يقرأ فيلبي 4 أو رومية 16 يرى نموذجا مقدسا للاختلاط المسيحي، فالخدام والخادمات يعملون معا في كرم المسيح في نقاوة وعفة وتحفظ. والجميع أسماؤهم مكتوبة في سفر الحياة.]
(4) في حدود مكانية معينة كالكنيسة والمدرسة والعمل وليس في الخارج.
(5) في وسط مجموعة وليس في لقاءات فردية.
يقول نيافة الأنبا موسى:
[هو اختلاط في إطار الجماعة، فالكل يتعاون في نقاوة وبراءة،إنها كنيسة أي جماعة متحدة بالروح تعمل لمجد المسيح ولسعادة الكل، لذلك فالتركيز الفردي مرفوض تماما، فهو خروج عن الخط السليـم وعن الجماعـة المترابطة بالمسيح وداخل إطار القداسة. إن أي علاقة فردية بشخص معين هي نذير خطر يحدق بالطرفين]
(7) ينبغي أن يكون الاختلاط في كل احترام، ووقار، وتقدير قيمة الإنسان، فالإنسان هو قيمة وليس سلعة أو لعبة للذة والمتعة.
( يجب أن يكون الاختلاط في علاقة عامة، وليست علاقة خاصة إلا في حالة الارتباط الزيجي.
خامساً: العلاقة العامة والخاصة
(1) العلاقة العامة ( هي المحبة العامة): وهي علاقة جماعية وليست فردية لشخص معين إلا في حالة الارتباطالمقدس بالخطوبة أو الزواج، في وسط الناس وليست في مكان منعزل.
(2) العلاقة الخاصة (الحب الخاص): مظاهرها: الانزواء، التقابل في أماكن منعزلة غير لائقة، خطورة الهدايا الشخصية ومدلولاتها لدى الطرف الآخر.
(3) سهولة التحول إلى التعلق الخاص:
1ـ التجاذب الناتج عن الميل الجنسي :بسبب اختلاف نوعى الهرمونات في كل جنس (الذي لا نستطيع أن نتجاهله)
2ـ التكامل بين الجنسين: وجود كروموزومات ذكرية وأخرى أنثوية في كلا الرجل والمرأة
3ـ الاهتمام المتبادل.
4ـ التعاطف: الترابط العاطفي.
5ـ الحب الرومانسي أو العشق الشهواني [الافتتان بالمعشوق]
6ـ إشباع نفسي، وإشباع جسدي.
7ـ الاتحاد: لتكوين خلية واحدة من الاثنين.
سادسا: خطوات الانزلاق
1 ـ تجاهل وجود الغريزة الجنسية بمطالبها.
2 ـ الألفة ورفع الكلفة والتبسط في المعاملة بين الجنسين.
3ـ محاولات لفت النظر وجذب الانتباه والإعجاب.
4ـ الاهتمام الزائد بالشخص الآخر والتعلق به.
5ـ التقرب الشخصي مع عامل الزمن (الوقت) وطول المدة يؤدي إلى العشق الرومانسي.
6 ـ الرغبة في امتلاك الطرف الآخر، والخوف من إغضابه حتى لا يفقده فيؤدي ذلك إلى الخطوة التالية.
7 ـ التساهل وعدم التحفظ.
8 ـ التنازلات عن بعض المبادئ.
9ـ اشتعال الشهوة المثارة.
10 ـ الاستسلام والتورط في الخطأ.
سابعا: دواعي الانزلاق
1ـ قد لا يكون الانزلاق هو هدف الشخص.
2ـ ولكنه لم يحسب حساب المفاجآت التي قد يفاجأ بها في مسيرة العلاقة.
3ـ مثال: حوادث السيارات: لا أحد يقصد أن يعمل حادث ولكن المفاجأة تعرضه لذلك.
ثامنا: تحفـظـات
1ـ عدم الانفراد.
2ـ عدم الاقتراب اللصيق بل الاحتفاظ بمسافة آمنة بين الشخصين في وقفتهما.
3ـ عدم الألفة الزائدة ورفع الكلفة.
4ـ عدم الكلام الخارج والكنايات.
5ـ عدم المصارحة في الخصوصيات والأسرار الشخصية والمشاكل الخاصة والضعفات الذاتية.
6ـ التحفظ من الإباحية والانحلال والانفلات.
7ـ الشبع بالرب ليعطي الطهارة.
تاسعا: العاطفة والعقل
1ـ ينبغي أن نتحفظ أيضا من العلاقة العاطفية غير المتعقلة.
2ـ إذ ينشأ عنها تعلق عاطفي، بسبب الإعجاب المتبادل، فيتحول إلى عشق شهواني، واستغراق في الخيال وأحلام اليقظة [الحب أعمى]، ويخرج الأمر من نطاق التعقل المتزن.